07 ديسمبر 2024 | 06 جمادى الثانية 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ مسند القحطاني: التفاؤل وحسن الظن بالله يحمي المجتمعات من السقوط في دوامة اليأس والإحباط

25 مارس 2019

لا ينفكُّ المؤمن يدعو ربه في كل وقت وحين، سائلاً منه خيراً، أو مستعيذاً من شرٍ، فإذا اقترن الدعاء بحُسن الظن بالله، حينئذ سيمتلئ القلب رضا وطمأنينة، ولن يرى إلا الخير في كل ما يعرض له في الدنيا من شدائد، ولن يعتريه اليأس أو يقنط من رحمة ربه أبداً، بل سيظل المؤمن على يقين تام بأن الله تبارك وتعالى ابتلاه ليرفع درجاته، أو ليدفع عنه شراً أكبر، أو ليجزيه خيراً مما فقد عاجلاً أو آجلاً.
   حول قضية حسن ظن العبد بربه تحدث فضيلة الشيخ مسند بن محسن القحطاني، الداعية والمحاضر، مؤكدا أن حسن الظن بالله من أسباب السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، إذ أن المسلم ينبغي عليه أن يتفاءل ويُحسن الظن بالله تبارك وتعالى مهما واجه في حياته من مشكلات ومصاعب، ينبغي أن يوقن أن الله سبحانه على كل شيء قدير، وأن الأقدار لا تجري على أهوائنا، وإنما هي لحكمة يعلمها العليم الحكيم.
   غير أن حسن الظن بالله لا يقتصر على الأمور الشخصية فحسب، بل يشمل أيضا أحوال المسلمين، وهموم الأمة، والأحداث الجارية، فحسن الظن يدفع الإنسان للعمل وللسعي نحو تحسين الأوضاع وانتظار الأفضل، هذا التفاؤل هو الذي يحمي الفرد كما يحمي المجتمعات كذلك من السقوط في ظلمات اليأس والقنوط والإحباط.
    نجد أن الإنسان المصاب باليأس والقنوط لا يعمل، ولا يستبشر خيرا من وراء أي حدث، ولا ينتظر فائدة من أي سعي، والأكثر من هذا؛ نجده يسيء الظن بالناس، حكاما ومحكومين، مسؤولين ومرؤوسين، دعاة وعلماء، حتى التجار وأصحاب الأعمال لا يرجو منهم خيرا ولا نفعا، لا يثق بأحد، ولا يتوقع الخير من أحد، هذا النمط من التشاؤم والإحباط هو مدخل كبير للشيطان والعياذ بالله، لأن هذه الروح الانهزامية إذا سادت بين الناس فإنها تولد الحقد والتنافر وتسبب تفكك المجتمع وتجره إلى نفق مظلم، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال هلك الناس فهو أهلكهم" أي أسوأ حالا منهم أو أشدهم هلاكا، [رواه مسلم]، وربنا جل وعلا يقول في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي".
    وعلى هذا يظل التفاؤل وحسن الظن بالله هو ذلك الدافع الإيجابي الذي يدفع العالِم أن يحسن أدائه، ويطرح موضوعات جديدة تجذب أسماع الناس وأفئدتهم، حسن الظن بالله هو ذلك الحماس الذي يدفع طالب العلم أن يطور من نفسه، وأن يتمكن من أدواته ومن منهجه بشكل علمي متقن، حسن الظن بالله هو ذلك التفاني الذي يدفع الأب لأن يبذل ما في وسعه ليربي ابنه على دين الله وعلى مكارم الأخلاق، ويتحمل في سبيل ذلك المشاق دون كلل، حتى ينال بره في الدنيا وحُسن الجزاء عنه في الآخرة، حسن الظن هو ذلك التسامح الذي يدفع الإنسان أن يلتمس لأخيه العذر، ويتجاوز عن الصغائر والهفوات حرصا على صلة الأخوة، وابتغاءا لمرضاة الله تبارك وتعالى.
  من أجل هذا ينبغي علينا أن نحسن الظن بالناس، فبلادنا ولله الحمد لازالت مليئة بالخير والإيمان والصلاح، مهما بدا من تقصير لدى البعض، إلا أن الخير في أمة الإسلام هو الغالب.
   وقبل كل ذلك وبعده يجب أن نحسن الظن بالله تبارك وتعالى، مهما عظُم الخطب، ومهما اشتد الكرب، علينا أن نوقن أن ابتلاءات الدنيا كلها أمور عارضة ومؤقتة، وأن الفرج قادم بأمر الله لا محالة، وأن ربنا سبحانه لا يضيع أجر من أحسن العمل، {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف:٣٠] ، {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود:١١٥].

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت