27 يوليو 2024 | 21 محرم 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الشيخ عبد الله الدوسري: لو أن الناس التزموا بهَدي النبي وأخلاقه ستصفو الحياة وتنتهي المشاكل

25 نوفمبر 2018

ليس ثمة فضيلة من الفضائل امتاز بها أحد من البشر إلا تجلَّت في رسول الله عليه الصلاة والسلام في أتَم صورها، لقد كان المثل الأعلى للخصال الحميدة ومكارم الأخلاق.
عن التخلق بالأخلاق النبوية يقول فضيلة الشيخ عبد الله الدوسري، الداعية والمحاضر، لقد تمثلت في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمى مكارم الأخلاق، فتعلق الناس به، وتركوا في حبه كل ما كان يربطهم بحياة الجاهلية الأولى، فقد رأوا فيه خصال العفو، والحلم، والصبر، والمروءة، والرحمة، والوفاء، والسخاء، والبشاشة، والتواضع ولين الجانب، لذا فقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليه بما لم يثن على نبي من أنبيائه، فقال عز من قائل: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤].
وإذا كان أغلب الناس اليوم يتشَكّون من تغير قلوب الآخرين وسوء معاملاتهم، فالحل هو أن ننظر إلى خُلق النبي وننشره بين الناس، لابد أن يكون هدي رسول الله حاضرا في أخلاقنا وتصرفاتنا، لأن الله عز وجل ارتضاه لنا أسوة وقدوة، فلو أن الناس التزموا بهدي النبي وأخلاقه ستصفو الحياة وتنتهي المشاكل والخلافات بين الناس.
كان الصحابة رضوان الله عليهم يرون النبي أتقى الخلق وأخشاهم لله، وهو الذي قد غُفر له، كان صلى الله عليه وسلم رجّاعا توّابا، يستغفر الله في اليوم سبعين مرة، وهو من بُشّر بالجنة، فكيف بنا في زمن تكاثرت فيه الذنوب وتعاظمت فيه الفتن، لابد لنا أن نجدد العهد مع ربنا بالتوبة، وينبغي كذلك أن نعلم أولادنا أن يستحضروا خشية الله في خلواتهم وهم بصحبة الشاشات والأجهزة الإلكترونية.
من ناحية أخرى، كان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في الحلم، والحلم في كل حال هو أقوى دلالة على الثبات والقوة النفسية، ولأن الله سبحانه وتعالى أدبه فأحسن تأديبه، فكان أن جعله نموذجا فريدا في سعة الصدر وسماحة النفس التي تليق بمكانته ورسالته، فكيف لا وهو صاحب دعوة جديدة يعاندها أكثر النـاس، فلولا هذا الحلم ما استطاع أن يسـوس شـعباً كالعرب، صعب المراس، يأنف أن يطيع أو ينصاع.
الصبر والعفو كانا كذلك من صفاته صلى الله عليه وسلم، فقد تذرع النبي بالصبر ثلاث وعشرين سنة، قُتل فيها أصحابه، وشُرد أتباعه، وأُخرج من بلده، فصبر، لأجل أن يبلغ هذا الدين آفاق الدنيا، ما انتقم لنفسه قط، مهما بلغه من أذى، إلا في حالة أن يُنتهك حد من حدود الله، فإنه يغضب فقط لله، أما لنفسه فكان يتخفف بالعفو.
نحن نحتاج أن نعيش بين الناس بخُلق العفو، فإن القلب يحتاج أن يتخفف من الأثقال حتى يخلو مع الله، حتى يصفو في الصلاة والعبادة، إن الصبر والحلم والعفو من شيم الكبار، والعفو يحضُر في المواقف الشديدة، حينها يُعرف الرجال بالعفو عند المقدرة، فما أورد الرجال المهالك إلا سرعة الغضب.
كذلك كان رسول الله رحيما متواضعا، خافض الجناح للصغير والكبير، كان في مهنة أهله في البيت؛ يحلب شاته بنفسه، ويصلح ثوبه، ويخصف نعله بيديه الشريفتين، كان يترفق بالعجائز، ويسلم على الصغار في الطريق.
وفي هذا الصدد يؤكد الشيخ الدوسري أن حسن الأخلاق يأسر القلوب، لأن أكثر الناس لا يريد إلا طيب المعاملة، لا درهما ولا دينارا، فقط التراحم والكلمة الطيبة أغلى وأثمن من ألف هدية، ذلك التراحم في أن يحن القريب على البعيد، أن يسأل القاصي عن الداني، أن يتفقد المسلم أحوال الناس، أن يبحث عن المدينين والمرضى وأصحاب الحاجة، أن يترفق بأصحاب الأعمال الشاقة، وألا ينظر لهم نظرة دونية، ولا يكلفهم مالا يطيقون.
إن أمتنا اليوم في أمسّ الحاجة إلى الأسوة الحسنة، والمثل الأعلى بسبب غياب القدوة وغلبة الأهواء وإيثار المصالح الخاصة، وليس أعظم من اتباع أخلاق النبي امتثالا لمراد الله عز وجل؛ {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:٢١].

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت