نيابة عن صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح افتتح وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الاسلامية شريدة المعوشرجى فعاليات مؤتمر (الاصلاح والتغيير.. رؤية شرعية) الذي تقيمه وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية في الفترة من 15-14 يناير الجاري. بحضور عدد من الشيوخ والوزراء وسفراء الدول الاسلامية والعربية المعتمدين لدى دولة الكويت.
وبهذه المناسبة ألقى المعوشرجي كلمة قال فيها: لما كانت المجتمعات البشريَّة بحاجةٍ ماسَّةٍ للاصلاح والتَّغيير المُتضمِّنيْن لسلامة الفرد والمجتمع في الدِّين والدُّنيا: جاءت هذه الدَّعوة الكريمة لهذا المُؤتمر المُبارك الذي تُنظِّمه وزارة الأوقاف والشُّؤون الاسلاميَّة في دولة الكُويت، وهُو مؤتمر: (الاصلاح والتَّغيير: رُؤيةٌ شرعيَّةٌ)، موضحاً ان الاصلاح والتَّغيير فريضةٌ شرعيَّةٌ، قد تضمَّنتها دعوات الأنبياء والمُرسلين عليهم أفضل الصَّلاة وأزكى السَّلام، قال الله تعالى على لسان نبيِّه شُعيبٍ عليه السَّلام: {انْ أُرِيدُ الاَّ الاصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي الاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَالَيْهِ أُنِيبُ}.
وأضاف متى ما التزم الأفراد والمُجتمعات الاصلاح والتَّغيير بطُرقه الشَّرعية، وأساليبه المرضيَّة: كان هذا الالتزام كفيلاً بالخَلاص من الفتن ومُواجهة كُلِّ الهجمات الشَّرسة على البلاد والعباد، مع الاسهام باللَّحاق بركب التَّقدُّم والحضارة، والعودة الصَّادقة الى عِزِّ هذه الأمة ومَجْدها، مع ما سيتحقَّق لنا بمشيئة الله تعالى من العيش في أمن وأمان.
وأكد ان مسؤوليَّة الاصلاح والتَّغيير تقع على عاتق الجميع، كُلٌّ بحسبه، فنحن جميعاً مُطالبون بتزكية النَّفس وبناء المُجتمع، وهذا من الاصلاح والتَّغيير الذي لا يتحقَّق الا بالأعمال الصَّالحة والأخلاق الحميدة، فانَّ من سُنَّة الله تعالى أنَّه لا يتمُّ تغيير ما بالنَّفس والمُجتمع حتى يُبذل الُجهد في التَّغيير والاصلاح، قال الله سُبحانه وتعالى: {انَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
وأشار المعوشرجي الى ان الاصلاح والتَّغيير الذي يسلك فيه المُصلحون الأساليب الشَّرعية والطُرق المرعيَّة كفيلٌ بتحقيق حسنة الدُّنيا التي جُمعت في قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَن أصبحَ منكم آمنًا في سِربه، مُعَافى في جَسَده، عنده قوتُ يومه فكأنَّما حِيزت له الدُّنيا»، متابعاً بقوله: فالأمن المُشار اليه في هذا الحديث الشَّريف: هُو أهمُّ ما ينبغي ان يسعى اليه المُصلحون، وهذا يشمل: الأمن الاجتماعي، والأمن الاقتصادي، والأمن التَّربوي، والأمن السِّياسي، والأمن الصِّحي، والأمن الغذائي، والأمن الفكري، والأمن النَّفسي.
وعن أهمية هذا المؤتمر في الوقت الراهن قال المعوشرجي ان المُؤتمر يأتي ونحن نشاهد ما يحدث على المسرح العامِّ من الصِّراعات الانسانيَّة بأبعادها: الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والتَّربويَّة والسِّياسيَّة والصِّحيَّة والغذائيَّة والفكريَّة والنَّفسيَّة، فالمؤمَّل ان يُثمر هذا المؤتمر النَّفع العامَّ للأمَّة، وأن يُفيد المجتمعات المسلمة، وأن يُكرِّس الثَّوابت والقيم والمُثُل العليا. واختتم المعوشرجى كلمته معرباً عن شكره الجزيل لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر المهم وتكليفي بالحضور نيابة عنه، وأبتهل الى الله تعالى ان يحفظ صاحب السمو أمير البلاد المفدى وسمو ولي عهده الأمين وأن يوفقهما للخير وأن يوفق جميع القائمين على هذا المُؤتمر، والمُشاركين فيه، وأن يأخذ بنواصينا للبرِّ والتَّقوى، وأن يُوفِّقنا لما يُحبَّه ويرضى.
ظروف دقيقة
من جانبه ألقى وكيل وزارة الأوقاف رئيس اللجنة العليا للمؤتمر الدكتور عادل الفلاح كلمة قال فيها: لا تخفى عليكم الظروف الدقيقة التي تمر بها الأمة الاسلامية عامة، وبعض بلادنا العربية خاصة من أحداث جسيمة وخطيرة تدفعنا بقوة الى نفحات وظلال قول الحق سبحانه في محكم التنزيل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ اذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ اخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
وأضاف الفلاح ان نعم الله تعالى كثيرة ومنها نعمة الايمان وتأليف القلوب، وهي من أعظم النعم التي أكرم الله تعالى بها هذه الأمة، فلا يمكن ان تتطور الشعوب الا باستقرار بلدانها، ولا يمكن ان تكون هناك تنمية الا بالتعاون بين أبنائها مستدركاً بقوله: وبما ان الاصلاح والتغيير سنة كونية خاضعة لتطور الحياة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، فان الاسلام لم يهمل هذا الأمر، وانما وضع له القواعد والأسس الرصينة التي تجعل الأمة المسلمة مواكبة لمسيرة الحضارة، ومن تلك القواعد في التغيير والاصلاح قول الحق سبحانه: {انَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. وقوله سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَانَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}.
وأشار الى أنه من هذا المنطلق السامي حرصت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بدولة الكويت وبتوجيهات سامية وكريمة من أمير البلاد حفظه الله تعالى، على جمع ثلة من علماء الأمة في بلدهم الثاني الكويت بين أهلهم وأخوتهم الواعين، وتحت مظلة شرعية أصيلة بتناول (موضوع الاصلاح والتغيير) والقيام بواجبهم الذي أخذه الله تعالى عليهم: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} مقتدين بالعلماء الربانيين الذين سبقوهم في ذلك، خاصة القرون الثلاثة الأولى التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية والتي شهد لها العالم بالانفتاح والتطور والايجابية في الحياة والتعامل مع الحوادث بفكر منفتح وقلب مستنير.
وخاطب الفلاح المشاركين في المؤتمر قائلا: الأمة بحاجة الى فكركم الوقاد وقلمكم السيال ونصحكم الرصين لأنها تمر بظروف عصيبة، وهي تنتظر منكم الكثير في الموضوع المطروح في مؤتمركم هذا (موضوع الاصلاح والتغيير)، خاصة مع كثرة الأفكار الدخيلة على الأمة التي سببت لها فرقة وتناحراً، وفي بعض الأحيان تطاولاً على ولاة الأمور، الأمر الذي لم نعهده قبل سنوات قليلة، كما سببت لها جموداً وانغلاقاً على الذات وتجاهلاً للواقع في كثير من الأحيان، عدا ما أدى بها ذلك الى هدر الطاقات المادية والفكرية في قضايا ومسائل فرعية وشكلية.
والتمس د.الفلاح من المشاركين في المؤتمر العودة الى التأصيل النابع من الكتاب والسنة: نصاً وفهماً وجسداً وروحاً، السائر على هدي علماء الأمة من السلف الصالح الذين حققوا أروع نجاح وتقدم للحياة ولا يسعني في هذا المقام الا ان أوصيكم بوصية خير الخلق عليه الصلاة والسلام التي أوصانا بها فقال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان عبداً حبشياً، فانه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، واياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة».
كلمة الضيوف
بدوره قال مفتي جمهورية موريتانيا الدكتور احمد المرابط في كلمة نيابة عن ضيوف المؤتمر قال فيها ان الله تعالى بعث الرسل مبشرين ومنذرين بهدف احداث الاصلاح والتغيير الى ان ختم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والذي قام بذلك على أكمل وجه وتبعه في ذلك صحابته.
وأضاف المرابط ان الاصلاح والتغيير مطلبان شرعيان وضرورة انسانية يتفق الجميع عليها الا ان للكل طريقته الخاصة في تحقيق ذلك مثمنا دور دولة الكويت حكومة وشعبا لاسيما دور الأوقاف في اتباع منهج السلف الصالح في الاصلاح والتغيير.
التاريخ : 15/01/2013
الجريدة : الوطن