05 يوليو 2025 | 10 محرم 1447
A+ A- A
خطبة الجمعة بتاريخ  20 من جمادى الأولى 1443هـ - الموافق 24 / 12 / 2021م

خطبة الجمعة بتاريخ 20 من جمادى الأولى 1443هـ - الموافق 24 / 12 / 2021م

23 ديسمبر 2021

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 20 من  جمادى الأولى 1443هـ - الموافق 24 / 12 /2021م

فَضَائِلُ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

أَمَّا بَعْدُ:

 فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْرِ القُرُونِ، وَاخْتَارَ لَهُ مِنَ الأَصْحَابِ أَكْمَلَ النَّاسِ عُقُولًا، وَأَقْوَمَهُمْ دِينًا، وَأَغْزَرَهُمْ عِلْمًا، وَأَشْجَعَهُمْ قُلُوبًا، جَاهَدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ، فَأَقَامَ اللهُ بِهِمُ الدِّينَ، وَأَظْهَرَهُمْ عَلَى جَمِيعِ العَالَمِينَ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ؛ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ؛ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ].

لَقَدْ أَثْنَى اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الصَّحَابَةِ الكِرَامِ، وَأَشَادَ بِمَكَانَتِهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ بَيْنَ الأَنَامِ، قَالَ تَعَالَى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100].

عِبَادَ اللهِ:

وَمِنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ الْأَخْيَارِ بَلْ هُمْ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ: الْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرُونَ بِالْجَنَّةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِهِمْ عَلَى الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ الْكَثِيرُ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ، وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ وَرَدُوا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ بُشِّرُوا بِهِ جَمِيعًا بِالْجَنَّةِ، وَإِلَّا فَالْمُبَشَّرُونَ بِالْجَنَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ كَثِيرٌ، بَلِ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ؛ فَعَنْ عَبْدِ الرَحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، فَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ بِشَارَةٍ! وَمَا أَرْفَعَهَا مِنْ كَرَامَةٍ!.

عِبَادَ اللهِ:

فَأَوَّلُهُمْ ذِكْرًا، وَأَعْظَمُهُمْ فَضْلًا، وَأَعْلَاهُمْ قَدْرًا، بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ: أَبُو بِكْرٍ الصِّدِّيقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ، صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَهَا، وَرَفِيقُهُ وَصَاحِبُهُ فِي الْغَارِ؛ قَالَ تَعَالَى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا»  [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِهِ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ].

وَيَلِيهِ فِي الفَضْلِ: الفَارُوقُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، شَهِدَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَأَنَّهُ مَا سَلَكَ طَرِيقًا إِلَّا سَلَكَ الشَّيْطَانُ طَرِيقًا غَيْرَهُ، وَهُوَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَفِيقَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحَيَاةِ، وَدُفِنَا بِجِوَارِهِ؛ رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِـذٌ مَنْكِبِي، فَــإِذَا عَلِـيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَحَسِبْتُ أَنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ». فَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَعْرِفُ لَهُمَا فَضْلَهُمَا وَتَقَدُّمَهُمَا، وَكَانَ يَقُولُ: «لَا يُفَضِّلُنِي أَحَدٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِلَّا جَلَدْتُهُ حَدَّ المُفْتَرِي».

وَيَلِيهِ ذُو النُّورَيْنِ شَهِيدُ الدَّارِ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي تَسْتَحْيِـي مِنْهُ المَلَائِكَةُ، فَقَدْ شَهِدَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَزَوَّجَهُ ابْنَـتَـيْهِ.

ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَصِهْرُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَبُو رَيْحَانَتَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا: الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، شَهِدَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةً مُعَيَّنَةً بِأَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَأَنَّهُ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

 فَأُوصِيكُمْ –عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.

عِبَادَ اللهِ:

وَمِنَ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ: الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، مِنَ السَّبْعَةِ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْـرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْـرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].  وَمِنْهُمْ: سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ مِنْ أَوَائِلِ الْمُسْلِمِينَ، أَسْلَمَ وَسِنُّهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، جَمَعَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَوَيْهِ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّهِ: «هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. وَمِنْهُمْ: طَلْحَةُ الْخَيْرِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مِمَّنْ عُذِّبُوا فِي اللهِ عَذَابًا شَدِيدًا، وَأَبْلَى فِي أُحُدٍ بَلَاءً عَظِيمًا، وَحَمَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَاتَّقَى النَّبْلَ بِيَدِهِ؛ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ، وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ.

وَمِنْهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ السَّابِقِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَهُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً، مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. وَمِنْهُمْ: أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا، قَالَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيناً، وَإِنَّ أَمِينَنَا -أَيَّتُهَا الأُمَّةُ- أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]. وَعَاشِرُهُمْ: سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، ابْنُ عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَزَوْجُ أُخْتِهِ، وَمِنَ السَّابِقِينَ لِلْإِسْلَامِ هُوَ وَزَوْجَتُهُ، ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمٍ وَأَجْرٍ فِي بَدْرٍ، وَشَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمُشَاهِدِ كُلِّهَا، وَهَكَذَا بَقِيَّةُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَأَزْوَاجِهِ، لَهُمُ المَنَاقِبُ الْعَظِيمَةُ الْجَمَّةُ، وَالفَضَائِلُ الكَثِيرَةُ الْمُهِمَّةُ.

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ صَحَابَةَ رَسُولِ اللهِ  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ خِيَارٌ، وَهُمْ بِمَجْمُوعِهِمْ وَأَفْرَادِهِمْ خَيْرٌ مِمَّنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالفَضْلِ وَالمَكَانَةِ، فَلَهُمْ مِنَّا الْمَحَبَّةُ وَالْوَلَاءُ، وَالتَّرَضِّي وَالدُّعَاءُ.

مِنْ حَقِّهِمْ عَلَيْنَا: أَنْ نُبْرِزَ مَحَاسِنَهُمْ، وَنَنْشُرَ فَضَائِلَهُمْ، وَأَنْ لَا نَذْكُرَهُمْ إِلَّا بِالْجَمِيلِ، وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ السَّبِيلِ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغْيَانٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا  لِمَحَبَّتِهِ، وَأَحْيِنَا عَلَى سُنَّتِهِ، وَتَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ، وَأَكْرِمْنَا بِشَفَاعَتِهِ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُمَا الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت