خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 7 من جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 28 /11 / 2025م
رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران 102].
أَمَّا بَعْدُ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمُهِمَّاتِ، وَآكَدِ الْوَاجِبَاتِ؛ أَنْ يَتَعَلَّمَ المُسْلِمُ عَقِيدَتَهُ، وَيَنْقَادَ لِأَوَامِرِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ، الْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى فَهْمِ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: )وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ( [الأنعام:115] أَيْ: صِدْقًا فِي الْإِخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الْأَحْكَامِ.
وَإِنَّ مِنْ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِي يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ نَعِيمٍ وَأَعْلَاهُ، وَأَقَرُّهَا لِعُيُونِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هِيَ الْغَايَةُ الَّتِي شَمَّرَ إلَيْهَا الْمُشَمِّرُونَ، وَتَنَافَسَ فِيهَا الْمُتَنَافِسُونَ، وَتَسَابَقَ إِلَيْهَا الْمُتَسَابِقُونَ، وَلِمِثْلِهِا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ، إِذَا نَالَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ نَسُوا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، وَحِرْمَانُهُ وَالْحِجَابُ عَنْهُ لِأَهْلِ الْجَحِيمِ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ، اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، وَجَمِيعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعُونَ، وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ عَلَى تَتَابُعِ الْقُرُونِ، وَأَنْكَرَهَا أَهْلُ الْبِدَعِ الْمَارِقُونَ).
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآخِرَةِ، دَلَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَثَبَتَتْ بِهَا الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، قَالَ تَعَالَى: )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ( [القيامة:22-23]، فَهَيَّأَهُمْ لِلنَّظَرِ إلَيْهِ، بِأَنْ حَسَّنَ وُجُوهَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُشَرِّفَهَا بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ.
وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: ) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ( [المطففين:15] قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (لَمَّا حَجَبَ هَؤُلَاءِ فِي السَّخَطِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْإِيمَانِ يَرَوْنَهُ فِي الرِّضَا).
وَقَدْ تَضَافَرَتِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ مُؤَكِّدَةً هَذِهِ الْعَقِيدَةَ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أُنَاسٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ؟» قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (لَوْ عَلِمَ الْعَابِدُون أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ تَعَالَى لَذَابَتْ أَنْفُسُهُمْ فِي الدُّنْيَا).
قَالَ الإِمَامُ الآجُرِّيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: (قَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ([النحل:44]، وكَاَن مِمَّا بَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ فِي هَذِهِ الآيَاتِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ فِي غَيرِ حَدِيثٍ: «إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ تَعَالَى»، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ صَحَابَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَبِلَهَا الْعُلَمَاءُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ الْقَبُولِ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
إِنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ قَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهَا سَلَفُ الْأُمَّةِ، وَقَبِلُوا مَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الْأَخْبَارِ، مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا تَكْذِيبٍ، وَضَلَّلُوا مَنْ خَالَفَ فِيهَا الصَّوَابَ، وَرَدَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْكِتَابُ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا تَبْلُغُهُ الْأَوْهَامُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الأَفْهَامُ، وَلَا تُحِيطُ بِهِ الْعُقُولُ، قَالَ تَعَالَى: )لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ([الأنعام:103]، وَقَالَ تَعَالَى: ) وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ([طه:110].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَعَصَمَهُ وَآوَاهُ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
إِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ الْأَبَدِيَّ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكْمُلُ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ أَهْلُهَا أَعْلَى نَعِيمٍ، وَأَهْنَاهُ لِقُلُوبِهِمْ وَأَرْوَاحِهِمْ، وَهُوَ النَّظَرُ لِخَالِقِهِمْ وَمَوْلَاهُمْ الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، قَالَ تَعَالَى: ) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ([يونس:26]، عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟! أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟! فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ: )لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ( [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
فَبَيْنَا هُمُو فِي عَيشِهِمْ وَسُرُورِهِــــمْ وَأَرْزَاقُهُمْ تَجْرِي عَلَيهِمْ وتُقْسَمُ
إِذَا هُمْ بِنُورٍ سَاطِــــعٍ أَشْرَقَتْ لَــــهُ بِأَقْطارِهَا الجَنَّاتُ لَا يُتَوَهَّـــــــمُ
تَجَلَّى لَهُمْ ربُّ السَّمَاواتِ جَهْـرَةً فَيَضْحَكُ فَوقَ العَرْشِ ثُمَّ يُكَلِّمُ
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ يَسْمَعُونَ جَمِيعُهُـــمْ بِآذانِهِمْ تَسْلِيمَــــهُ إذْ يُسَلِّــــــــمُ
يَقُولُ: سَلُوني مَا اشْتَهَيْتُمْ فَكُلُّ مَــا تُرِيدُونَ عِنْدِي، إِنَّنِي أَنَا أَرْحَـــمُ
فَقَالُوا جَمِيعًا: نَحْنُ نَسْألُكَ الرِّضَا فَأَنْتَ الَّذي تُولِي الجَمِيلَ وَتَرْحَمُ
فَيُعْطِيهِمُ هَذَا، وَيُشْهِدُ جَمْعَهُــمْ عَلَيْهِ، تَعَالَــــى اللَّهُ، فَـــاللَّهُ أَكْــــرَمُ
عِبَادَ اللَّهِ:
فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُكْرِمَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ، وَهِيَ النَّظَرُ لِوَجْهِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَدِّقَ بِهَذَا الْخَبَرِ الْإِلَهِيِّ، وَالْوَعْدِ الرَّبَّانِيِّ، فَمَنْ كَذَّبَ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْآخِرَةِ أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَحَجَبَهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ.
وَأَسْبَابُ نَيْلِ هَذِهِ الْغَايَةِ السَّامِيَةِ، كَثِيرَةٌ وَمِنْ جُمْلَتِهَا:
الْأَوَّلُ: الْحِرْصُ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا جَمَاعَةً، وَلَا سِيَّمَا صَلَاتِي الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، فَهُمَا السَّبِيلُ لِلْفَوْزِ بِرُؤْيَتِهِ تَعَالَى وَقُرْبِهِ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ [أَيْ: يَرَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَكَانِهِ، وَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الِاجْتِمَاعِ لِرُؤْيَتِهِ]، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا» ثُمَّ قَرَأَ: ) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ( [ق:39] [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، وَالْمَعْنَى: لَا تُغْلَبُوا فَتُفَوِّتُوا هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ.
وَالْأَمْرُ الثَّانِي: الْإِلْحَاحُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ، فَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ؛ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللهمَّ زيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ].
أَيُّهَا الـْمُسْلِمُونَ:
فَأَمَّا رُؤْيَتُهُ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا فَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ، قَدْ حَجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْخَلْقِ حَتَّى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَأَلَهُ الرُّؤْيَةَ: ) لَنْ تَرَانِي ( يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ؛ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، وَزَكِّ نُفُوسَنَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا؛ غَيْثًا مُغِيثًا تُحْيِي بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَتُذْهِبُ بِهِ عَطَشَ الْأَرْضِ وَظَمَأَ الْأَكْبَادِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدِ آمِنًا مُؤْمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة