خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 20 من ربيع الأول 1447 هـ - الموافق 12 / 9 / 2025م
اسْتِقْبَالُ الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الأَكْرَمِ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَعَزَّ بِالْعِلْمِ وَأَكْرَمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، خَيْرُ مَنْ تَعَلَّمَ بِالْوَحْيِ وَعَلَّمَ، وَبَدَّدَ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَبَصَّرَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تعالى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
عِبَادَ اللهِ:
أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَاتَّقُوهُ حَقَّ التَّقْوى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ والنَّجْوى، فَهِيَ خَيْرُ وَصِيَّةٍ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِهَا الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، ) وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ( [النساء:131].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
لَا تَزَالُ عَجَلَةُ الْحَيَاةِ تَدُورُ، وَمَا زَالَتِ الْأَعْوَامُ تَنْصَرِمُ حَتَّى يَعْقُبَهَا الْمَنُونُ، تَتَجَدَّدُ أَمَامَ نَوَاظِرِنَا مَعَالِمُ السِّيَرِ، وَتَهُزُّ قُلُوبَنَا تِلْكَ الْعِظَاتُ وَالْعِبَرُ، بِالْأَمْسِ كُنَّا نُوَدِّع عَامًا دِرَاسِيًّا قَدْ مَضَى، وَهَا نَحْنُ نَسْتَقْبِلُ عَامًا دَرَاسِيًّا جَدِيدًا، تَعُودُ الْحَيَاةُ إلَى طَبِيعَتِهَا، وَيَنْطَلِقُ قِطَارُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ نَحْو الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، وَتَبْدَأُ مَعَهُ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ، مِلْؤُهَا التَّفَاؤُلُ وَالْأَمَلُ، هَا نَحْنُ نَعُودُ وَالْعَوْدُ أَحْمَدُ، عَامٌ دِرَاسِيٌّ جَدِيدٌ تَفْتَحُ فِيهِ قِلَاعُ الْعِلْمِ أَبْوَابَهَا، وَتُشْرِقُ مَحَاضِنُ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ بِنُورِهَا، يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا أَوْلَادُنَا، يَحْدُوهُمُ الْأَمَلُ بِالْمُسْتَقْبَلِ، وَيَقُودُهُمْ الشَّغَفُ إلَى التَّعَلُّمِ، وَيَدْفَعُهُمُ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادُ لِإِخْلَاصِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ.
عِبَادَ اللهِ:
اعْلَمُوا -أَرْشَدَكُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ- أَنَّ الْعِلْمَ رَكِيزَةٌ مِنْ رَكَائِزِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَطَرِيقٌ لِمَعْرِفَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَلَا أَدَلَّ عَلَى قِيمَةِ الْعِلْمِ وَمَكَانَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنِ ابْتِدَاءِ الْوَحْيِ بِالْأَمْرِ بِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: ) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ( [العلق:1-5]، فَكَانَتْ أَوَّلَ بِدَايَةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْرَأْ)، لِتُؤَكِّدَ أَنَّ الْإِسْلَامَ رِسَالَةٌ لِلْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَلَقَدْ أَعْلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَكَانَةَ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، قَالَ تَعَالَى: ) يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ( [المجادلة:11]، وَحَثَّ النَّبِيُّ r عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
عَامٌ دِرَاسِيٌّ جَدِيدٌ فِيهِ يُنْشَرُ الْعِلْمُ، وَفِيهِ تَتَأَدَّبُ النُّفُوسُ وَتَزْكُو الْأَخْلَاقُ، وَفِيه يُطْلَبُ الْعِلْمُ الَّذِي رَفَعَ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا وَوَضَعَ بِهِ آخَرِينَ، فَلَا يَسْتَوِي أَبَدًا عَالِمٌ وَجَاهِلٌ، فَالْعِلْمُ هُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ وَأَحْسَنُهَا لِلْوُصُولِ إلَى رِضْوَانُ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ العِلْمِ وَأَهْلِهِ حَيثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لِطَالِبِ العِلْمِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ]، فَالْعِلْمُ أَشْرَفُ مَا حَصَّلَتْهُ النُّفُوسُ، وَأَنْفَسُ مَا اشْتَغَلَتْ بِهِ الْأَفْئِدَةُ، وَهُوَ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ وَضَرُورَةٌ حَيَاتِيَّةٌ، فَبِالْعِلْمِ يَصْلُحُ دِينُ النَّاسِ وَبِهِ يَعْرِفُونَ رَبَّهُمْ، وَبِالتَّعْلِيمِ تَصْلُحُ دُنْيَا النَّاسِ فِي الْعُلُومِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا، فَيَكْتَشِفُونَ وَيَخْتَرِعُونَ وَيَبْنُونَ وَيَصْنَعُونَ، كُلُّ ذَلِكَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ إلَّا بِالْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ، بِالْعِلْمِ تَسُودُ الْأُمَمُ وَتَسْمُو الْأَوْطَانُ، وَلِذَلِكَ كَانَ التَّعْلِيمُ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الرَّئِيسَةِ فِي كُلِّ الْمُجْتَمَعَاتِ عَلَى مَرِّ الْعُصُورِ.
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:
إِنَّ أَنْفَعَ الْوَصَايَا الْعَامَّةِ وَأَجْمَعَهَا، أَنْ تَسْتَقْبِلُوا عَامَكُمُ الدِّرَاسِيَّ بِفَأْلٍ حَسَنٍ وَنَظْرَةٍ مُشْرِقَةٍ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُنَا الكَرِيمُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، وَيَكْرَهُ التَّشَاؤُمَ وَيَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَلِلْمُرَبِّينَ وَالْمُعَلِّمِينَ أَمْنَاءِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ، وَمَشَاعِلِ النُّورِ وَالرَّحْمَةِ وَالْهِدَايَةِ، يَا مَنْ تَشَرَّفْتُمْ بِأَعْظَمِ مُهِمَّةٍ وَأَشْرَفِ رِسَالَةٍ، هَا هُمْ أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ مُقْبِلُونَ عَلَيْكُمْ يَنْتَظِرُون مِنْكُمْ عُلُومًا نَافِعَةً، وَوَصَايَا جَامِعَةً، فَخُذُوا بِمَجَامِع قُلُوبِهِمْ، وَدُلُّوهُمْ عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَرْضَاتِهِ، اغْرِسُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَالْإِحْسَانَ، قَالَ تَعَالَى: ) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ( [فصلت:33]، فَأَخْلِصُوا للهِ تَعَالَى فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، فَمَا كَانَ لِلَّهِ دَامَ وَاتَّصَلَ، وَمَا كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ انْقَطَعَ وَانْفَصَلَ.
أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الْكَرِيمُ:
أَتَحْسَبُ أَنَّ مَقَامَكَ لَا نَعْرِفُهُ، بَلْ نَذْكُرُهُ وَنَشْكُرُهُ، فَأَنْتَ مُعَلِّمُ الْبَشَرِيَّةِ وَصَانِعُ الْخَيْرِيَّةِ وَالْقُدْوَةُ الْحَسَنَةُ، تَقْضِي سَنَوَاتٍ مِنْ عُمُرِكَ فِي أَرْوِقَةِ مَحَاضِنِ التَّعْلِيمِ بَيْنَ طُلَّابِكَ، تُرَبِّي وَتُعَلِّمُ وَتَنْصَحُ وَتَوَجِّهُ، تَبْنِي الْقِيَمَ الْعَالِيَةَ، وَتَبُثُّ الْأَخْلَاقَ السَّامِيَةَ، وَتُثْبِتُ الْمَبَادِئَ الْعَظِيمَةَ، فَأَحْسَنِ اسْتِقْبَالَ طُلَّابِكَ وَلا تَحْتَقِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا، فَالصَّغِير يَكْبَرُ وَالْجَاهِلُ يَتَعَلَّمُ وَالْغَافِلُ يَتَذَكَّرُ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أقول قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ نَجَّاهُ.
أَيُّهَا الطَّالِبُ النَّبِيلُ:
هَا هِيَ أَيَّامُ الْعِلْمَ قَدْ أَقْبَلَتْ، فَأَقْبِلْ عَلَيْهَا بِجِدٍّ وَإِخْلَاصٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ جُهُودًا كَبِيرَةً بُذِلَتْ مِنْ أَجْلِكَ، فَكُنْ عِنْدَ حُسْنِ الظَّنِّ بِكَ، فَالْمُعَلِّمُونَ هُمْ بِمَنْزِلَةِ آبَائِكُمْ فَلَا تَنْطِقُوا أَمَامَهُمْ بِسُوءٍ أَوْ تَصَرُّفٍ مَشِينٍ، تَحَلَّوْا بِالصَّبْرِ الجَمِيلِ، وَاحْذَرُوا الْإِهْمَالَ وَالْكَسَلَ، وَتَجَنَّبُوا رُفْقَةَ السُّوءِ، فَالْقَرِينُ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي، وَاحْتَرِمَوا الْعِلْمَ وَكُتُبَهُ، وَأَتْقِنُوا مَا تَتَعَلَّمُون، فَالْأُمََّةُ تَأَمُلُ أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ عُلَمَاءُ مُخْلِصُونَ يَنْشُرُون الدِّيْنَ، وَأَطِبَّاءُ وَمُهَنْدِسُونَ، وَجُنُودٌ مُخْلِصُونَ، كَانَ اللَّهُ فِي عَوْنِكُمْ وَوَفَّقَكُمْ لِصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ، فَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا وَاصْبِرُوا، تَظْفَرُوا بِالعِلْمِ النَّافِعِ وَثَمَرَتِهِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ.
مَعَاشِرَ الْأَوْلِيَاءِ:
أَنْتُمْ شُرَكَاءُ الْمَدْرَسَةِ فِي رِسَالَتِهَا، فَازْرَعُوا فِي نُفُوسِ الْأَوْلَادِ حُبَّ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَاحْتِرَامَ الْمُرَبِّينَ وَالْمُعَلِّمِينَ، فَالْأَدَبُ مِفْتَاحُ الْعِلْمِ وَأَسَاسُ الطَّلَبِ، وَافْتَحُوا أَبْوَابَ التَّعَاوُنِ مَعَ إِدَارَةِ الْمَدْرَسَةِ، وَابْنُوا الْعَلَاقَاتِ الْمَتِينَةَ مَعَ الْمُعَلِّمِينَ، لِمَا فِيهِ صَلَاحُ فِلْذَاتِ الْأَكْبَادِ مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ، أَسْأَلُ اللَّهَ جَلَّ فِي عُلَاهُ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَامَ الدِّرَاسِيَّ عَامَ تَوْفِيقٍ وَبَرَكَةٍ وَرِفْعَةٍ لِبِلَادِنَا الْكُوَيْتِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
إِخْوَةَ الْإِسْلَامِ:
إِنَّ أَعْظَمَ الْعُلُومِ وَأَشْرَفَهَا قَدْرًا عِلْمُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَالْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ مِيرَاثُ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى فَضْلِهِ وَأَجْرِهِ، فَلْنَحْرِصْ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ، فَدُرُوسُ الْعِلْمِ وَمَرَاكِزُهُ مُنْتَشِرَةٌ فِي بَلَدِنَا بِفَضْلِ اللهِ، فِي الْمَعَاهِدِ الدِّينِيَّةِ وَكُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ وَدُورِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمَرَاكِزِ الْأُتْرُجَّةِ لِتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَحَلَقَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَمَرَاكِزِ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ لِلنَّاشِئَةِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ، فَقَدْ فُتِحَ بَابُ التَّسْجِيلِ فِي هَذِهِ الدُّورِ وَالْمَرَاكِزِ التَّابِعَةِ لِوِزَارَةِ الشُّؤُونِ الإِسْلَامِيَّةِ مَعَ بَدْءِ الْعَامِ الدِّرَاسِيِّ.
عِبَادَ اللهِ:
صَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، وَأَزْكَى الْبَشَرِيَّةِ: مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ صَاحِبِ الْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ، فَقَدْ أَمَرَكُمْ سُبْحَانَهُ وتعالى بِقَوْلِهِ: ] إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [[الأحزاب:56]، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وبارك عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الْأَرْبَعَةِ الرَّاشِدِينَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحْبِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُسْتَضْعَفِينَ الْمُوَحِّدِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَارْزُقْهُمَا الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا بِرَّهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ، وَلَا هَمًّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ، وَلَا مَرِيضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ، وَلَا مُبْتَلًى إِلَّا عَافَيْتَهُ، وَلَا مَحْرُومًا مِنَ الْأَوْلَادِ إِلَّا وَهَبْتَهُ، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذَرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة