ذكر وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عادل الفلاح أن المساهمة في وضع معالم وأسس حوار حضاري واعد يقوم على الاحترام المتبادل وتعزيز أواصر الأخوة الإنسانية في مجال النقاش السلمي النابع من مبادئ الإسلام السمحة التي تدعو إلى تعزيز التسامح في عالم متغير.
جاء ذلك خلال مشاركة الفلاح في مؤتمر بعنوان الدولة والدين في جمهورية أذربيجان تحت شعار «تعزيز التسامح في العالم المتغير» بحضور العديد من المؤسسات والهيئات الإسلامية والوزراء والسفراء وممثلي الأديان في أذربيجان.
وأوضح الفلاح أن المطلع على تعريفات منظمة اليونسكو الصادرة في عام 1995 للتسامح هو الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية والمتعززة بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد، مشيراً إلى أن التسامح يعني الوئام في سياق الاختلاف وهو ليس واجباً أخلاقيا فحسب، إنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً.
ولفت إلى أن المطالع لهذه الدلالات يجد أنها متوافقة بل ومستمدة من روح الشريعة الإسلامية، فقد قررت مبادئ الإسلام مجموعة من القيم الحضارية والمشتركات الإنسانية وهي تعزز روح التسامح وتنبذ التعصب وتحض على القبول بالآخر في المجتمع المدني والتعايش معه، مشيرا إلى أن من أهم تلك المبادئ أن الأديان السماوية كلها تستقي من معين واحد، والأنبياء إخوة لا تفاضل بينهم من حيث الرسالة على المسلمين أن يؤمنوا بهم جميعا، ولا إكراه في العقيدة، بل لابد فيها من الإقناع والرضا، وأماكن العبادة للديانات الإلهية محترمة يجب الدفاع عنها وحمايتها كحماية مساجد المسلمين، وينبغي للناس على اختلاف أديانهم أن يقدر بعضهم بعضاً وألا يعتدوا على بعض وإنما يتعاونوا على فعل الخير ومكافحة الشر، والتفاضل بين الناس في الحياة وعند الله بمقدار ما يقدم أحدهم لنفسه وللناس من خير وبر، والاختلاف في الأديان لا يحول دون البر والصلاح والضيافة، وإن اختلف الناس في الدين عليهم أن يتحاوروا حواراً علمياً بالحسنى وفي حدود الأدب والحجة والإقناع.
وأشار الفلاح إلى أن تلك المبادئ الإسلامية التي جاءت قبل ألف وأربعمئة عام في أعمق معانيها وأروع صورها وأبعد قيمها، الأمر الذي يقطع بأن التسامح وفق المنظور الإسلامي فضيلة أخلاقية وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإداراتها، مؤكداً أن الإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها، تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتُرسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين الناس بغض النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم فالجميع يتحدرون من نفس واحدة.
وأبدى تقديره لجمهورية أذربيجان التي جسدت تلك المعاني في العالم على أرض الواقع، موضحاً «إنني منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا أتردد على أذربيجان وأتابع أخبارها فلم أجد فيها النزاع الديني أو العرقي، وهذا تحقق بالجهود التي بذلها الرئيس الراحل حيدر علييف الذي عبر بأذربيجان في أصعب ظروفها ومراحلها إلى بر الأمان وواصل هذا الجهد والسياسة الحكيمة ابنه الرئيس الحالي إلهام حيدر علييف»، مضيفاً أن «أذربيجان نهضت في عهده عمرانياً واقتصادياً واجتماعيا وفي كل المحافل التي اشتركت فيها والتي تتناول في مثل هذا الموضوع».
وأضاف: «إننا في الكويت وبتوجيهات من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد على أتم الاستعداد للتعارف اللامحدود في هذا المجال، وذلك لانه أمر أن تكون الكويت مركز إشعاع عالمياً للوسطية التي جسدت هذه المعاني وفق الركائز الأربعة وهي: الحوار وقبول الرأي الآخر واحترام الآخر إضافة إلى التعايش السلمي».
التاريخ : 24/12/2012م
الجريدة : الراي
العدد : 12229