23 مايو 2025 | 25 ذو القعدة 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

الرئيس الشيشاني: بوتين أكد أن روسيا مدافعة حقيقية عن الإسلام.. ود.الفلاح: رسمنا إستراتيجية لمسلمي روسيا تقوم على تأصيل مفاهيم الوسطية

05 أغسطس 2014

العاصمة الشيشانية غروزني كانت محط انظار مختلف الجمهوريات الروسية وخاصة منطقة القوقاز وجمهوريات الكومنولث لاحتضانها كوكبة من العلماء المشاركين في المؤتمر الدولي الإسلام دين السلام والمحبة تحت عنوان «فقه الاستطاعة وأثره في واقع الأقليات المسلمة» والذي افتتحه الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف بداية هذا الشهر.

وألقى الرئيس الشيشاني كلمة في افتتاح المؤتمر الذي عقد بشراكة بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت وصندوق قاديروف الخيري وصندوق دعم الثقافة والعلم والتعليم الروسي وبدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم بصوت شجي لنجل الرئيس الشيشاني الطفل ادم رمضان قاديروف، حيث قال الرئيس الشيشاني «ارحب بكم جميعا على ارض الشيشان في هذا المؤتمر الذي يعبر عن حقيقة الاسلام وسماحته، فالدين الاسلامي ليس دين ظلم او عنف او دمار وانما هو دين بناء وإعمار في الارض، وهذا المؤتمر يجري في روسيا وستكون له دلالاته القوية على المسلمين وغير المسلمين في روسيا الاتحادية».

وتابع الرئيس الشيشاني قائلا «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكد ان روسيا مدافعة حقيقية عن الاسلام، وهذا المؤتمر الذي خصص باسم مؤسس الشيشان الرئيس الراحل احمد قاديروف يؤكد ان ديننا الاسلامي الحنيف يعطي قوة لمكافحة اعداء الاسلام، فقد كافح احمد قاديروف ضد التشدد والغلو وإعادة البناء والإعمار والسلام الى الشيشان».

وأضاف قاديروف قائلا «ونحن نواصل اليوم الاعمال التي بدأها المرحوم احمد قاديروف من بناء المساجد والمدارس ودور تحفيظ القرآن، ففي مدينة ارغون فتحنا اجمل المساجد الاسلامية في روسيا وأوروبا حيث شارك في افتتاحه عدد كبير من المشاركين، ونحن عازمون على استعادة الاسلام الى بلادنا».

القيم الإسلامية

من جهته، قال رئيس مفتي روسيا الشيخ راوي عين الدين: ان القيم الاسلامية اصبحت اساسا لبناء الشعب وبناء جمهورية يسودها الازدهار بعد ان عانى الشعب الشيشاني من حربين دمويتين وبعد غرس افكار مسمومة لتقسيم هذا الشعب، لكنهم لم يفلحوا حيث التف الشعب الشيشاني حول قائده الحاج احمد قاديروف ـ يرحمه الله ـ كزعيم ديني اثبت ان الاسلام دين السلام والعمل الخلاق وليس القتل والدمار».

وأضاف قائلا «واليوم بفضل الرئيس رمضان قاديروف تبنى المساجد الرائعة وهناك كنيسة ارثوذوكسية ومنشآت ضخمة، فالشيشان اليوم يعيش حياة حافلة بالإبداع».

وأضاف رئيس مفتي روسيا «ويرتبط بالدكتور عادل الفلاح نشر النهج الوسطي والاعتدال الذي استطاع ان يصل لمختلف عموم روسيا الاتحادية، وكتب د. الفلاح في احدى مقالاته ان الوسطية تحصن الانسان وتجعله يتعايش مع الناس جميعا بغض النظر عن آرائهم او دياناتهم، وهذا يحرز السلام والتفاهم بين شعوب العالم».

قيادة مسيرة الإصلاح والتغيير

ومن جهته توجه وكيل وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية د.عادل الفلاح بالشكر الجزيل إلى رئيس جمهورية الشيشان رمضان قادروف على استضافته اعمال هذا المؤتمر الدولي والاشراف المباشر على مجرياته إيمانا منه بأهمية قيادة العلماء لمسيرة الاصلاح والتغيير التي خط ملامحها الأولى ورسم معالمها الرئيس الوالد المغفور له احمد حاجي قادروف ـ رحمه الله تعالى ـ والذي دفع حياته ثمنا لحياة سعيدة للشعب الشيشاني وشعوب منطقة القوقاز، كما توجه بالشكر الجزيل لصندوق دعم الثقافة والعلم والتعليم الروسي على مشاركتهم الفاعلة في إنجاح هذا المؤتمر العالمي وعلى ما قدموه من دعم ومساندة.

وتابع د.الفلاح قائلا «لا يخفى على حضراتكم أهمية موضوع المؤتمر وهو (فقه الاستطاعة وأثره في واقع الأقليات المسلمة) على المستوى التعبدي والسياسي فإن الاستطاعة هي مناط التكليف، والقدرة هي محل الخطاب الشرعي وفي نطاقها نشأ وتولد الفقه الإسلامي، الذي يمكن وصفه بمجموعه بأنه فقه الاستطاعة أو فقه الممكن، فالشريعة الإسلامية في مقاصدها النهائية إنما جاءت لتهذيب الإنسان وليس لتعذيبه، فالضرورات تبيح المحظورات، والمشقة تجلب التيسير، وما جعل الله علينا في الدين من حرج، قال تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقال تعالى بعد ذكر مجموعة من الأحكام والتشريعات والعبادات: (ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)، وإذا هبطت أقدار التدين وفقدت بعض الاستطاعة كانت الرخصة هي الحكم المناسب، فمن طبق الرخصة المتوافقة مع استطاعته فقد طبق الإسلام المفروض عليه في هذه الحالة وخرج من عهدة التكليف.

وأضاف د.الفلاح قائلا «وذلك لأن التكليف الشرعي ابتداء بعمومه ومراحله ومراتبه، إنما يقع ضمن الوسع والإمكان البشري، إذ لا يمكن عقلا ولا واقعا تكليف الإنسان بما لا يطيق.. فالتكليف لا يمكن أن يتجاوز حدود الطاقة البشرية بظروفها المتعددة، من أدنى مراتب الحكم الشرعي في الندب والاستحباب إلى أعلى مراتبه في الفرضية والوجوب.

إستراتيجية فكرية لمسلمي روسيا

 

واردف قائلا «لقد رسمنا استراتيجية فكرية للمسلمين في روسيا تقوم على تأصيل مفاهيم الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف وإشاعة روح التسامح وقبول الآخر والحوار الحضاري من خلال أنشطة متعددة ساهمت معنا فيها جهات متعددة كصندوق أحمد حاجي قاديروف ومركز الوسطية في موسكو وصندوق دعم الثقافة والعلم والتعليم ولعل من أهم الأنشطة التي كان لها أثر كبير في مجال مواجهة الغلو والتطرف مؤتمر «الفكر الاسلامي ودوره في مواجهة الغلو» وقد صدرت عنه وثيقة علمية معمقة وقع عليها هنا في العاصمة غروزني ما يزيد على خمسين عالما تحت رعاية الرئيس رمضان قاديروف وكان هذا المؤتمر الثاني «فقه الاستطاعة وأثره في واقع الأقليات المسلمة» والذي أردنا من خلاله أن نقول للشباب المتعجل المغالي: إنه إذا توازت الاستطاعات مع الأحكام، وتساوت القدرة مع التشريعات وتنزلت على قدرها، يكون المجتمع بذلك قد طبق الإسلام المكلف به في هذه المرحلة من استطاعته، حتى وإن لم تتحقق الأحكام بصورتها الكاملة وهكذا يترقى ويتدرج المجتمع في تنزيل أحكام الإسلام في ضوء التدرج والارتقاء في استطاعاته وإمكاناته، لأن الأحكام الخارجة عن استطاعته لا يقع عليه التكليف بها في هذه المرحلة.

الشيشان والاستطاعة

وأضاف د.الفلاح قائلا «ولنضرب مثالا على ذلك من الشيشان بل ومن اجتهاد أحمد حاجي قادروف ـ رحمه الله ـ فإن رؤيته القائمة آنذاك على أن الشيشان فقدت القدرة ولم تعد لديها الاستطاعة وأن من الواجب إيقاف الحرب وحماية الشعب من الهلاك هو نوع من إدراك فقه الاستطاعة وهذا هو عين فقه الاستطاعة الذي يقطع بأن الصحة الشرعية للجهاد قائمة بالأساس على مدى تحقق القدرة وغلبة المصلحة فهما شرطا الجهاد متى وجدا شرع الجهاد ومتى انعدما فقد شرعيته ووجوبه فلما جردت الحالة الشيشانية من الأمرين كان من الواجب وقف الحرب وعقد السلام.

وتابع قائلا «مما يعني أن تطبيق الإسلام لا يعني استكمال تنزيل أحكامه كلها في حالة الاستطاعة الكاملة فقط، وإنما يعني استكمال تنزيل ما يقع من أحكامه ضمن نطاق الاستطاعة، حيث بالاستطاعة يحدد التكليف، فحيثما استفرغت الاستطاعة حصل تطبيق الإسلام بالنسبة لهذه المسألة، أما ما وراءها من الأحكام فلا يقع التكليف به، شريطة الإيمان بكل أحكام الدين وتكليفاته».

أثمان باهظة

وأردف د.الفلاح في كلمته «لقد رأينا كيف أنه لما غاب إدراك فقه الاستطاعة حضرت الفوضى في الاقتداء وغياب تقدير الاستطاعات، واختلاط الإمكانات بالأمنيات، دون ضابط من شرع او دين الأمر الذي كلف الفكر الإسلامي ـ ولايزال ـ الأثمان الباهظة، نتيجة للحسابات الخاطئة والمجازفات غير المبصرة، لأولئك الشباب الغلاة الذين غاب عنهم هذا الفقه فغدوا يقتلون ويفجرون ويدمرون باسم تحقيق مكتسبات شرعية تفتقد القدرة والإمكان.

التراث النبوي

وأضاف قائلا «ويكفي أن ننظر بعجالة إلى التراث النبوي بنجد كيف لاحظ التشريع أبعاد القدرة قبل تحديد مدى التكليف فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: «بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، (وفي رواية قال: ما أملك رقبة غيرها، وضرب على صفحة رقبته) قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، فقال: هل تجد إطعام ستين مسكينا؟ قال: لا، (وفي رواية قال: والذي بعثك بالحق ما لنا طعام)، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر، قال: أين السائل؟ قال أنا، قال: خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها ـ يريد الحرتين ـ أهل بيت أفقر من أهلي بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك» (البخاري، كتاب الصيام).

فتاوى فاقدة لمحالها

وتابع د.الفلاح قائلا: كم عشنا وما زلنا نعيش في زماننا هذا كثيرا من الفتاوى الفاقدة لمحالها؟ وكم أورثت هذه الفتاوى القتل والدمار وتعذيب الناس بدل تهذيبهم، لعدم إدراك أحوالهم واستطاعتهم؟

وبدل أن تثير الاقتداء والإقبال على هذا الدين كانت حاجزا نفسيا يحول دون التدين ويؤدي إلى عكس حكمة تشريعه. ولكن المشكلة، كل المشكلة، في غياب الفقه عن إدراك المحل والشروط المطلوب توافرها في محل الحكم ليحصل التكليف وينزل الحكم.

إننا نتوقع من هذا المؤتمر تأطيرا لمفهوم القدرة في الإسلام تحت مظلة «فقه الاستطاعة» مع علمنا بقلة التأليف وندرة الكتابة فيه بصورة واقعية معاشة تشتمل على أبواب السياسة الشرعية إلا أن ظننا بالمشايخ والعلماء حسن وكبير في صياغة هذا الفقه وتقديمه للشباب ليكون لهم بمثابة النجم يهتدون به في ظلمات الطريق وحوالك الزمن.

وختم د.الفلاح كلمته بالقول «سيادة الرئيس رمضان قاديروف: تعلمون شدة محبي لهذه البقعة من الارض وتقدير اهلها والحرص على أن يجسد المسلمون الإسلام حقيقة معاشة بين إخوانهم يبنون مجتمعهم ويحرصون على تقدمه ويشيدون حضارته وفي سبيل ذلك فإننا نمد لهم يد العون في الأنشطة الثقافية والعلمية كعقد الدورات الفكرية وتنظيم المؤتمرات ودعم المشاريع العلمية والفكرية».

موضوع متعمق

ومن ناحيته اكد رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية التابعة للديوان الأميري د. خالد المذكور ان موضوع فقه الاستطاعة موضوع متعمق يحتاج الى دقة في الفهم لانه فقد المقاصد مشيرا الى انه يبعد الامة عن «العاطفيين» الذين تسيرهم العاطفة اكثر مما يسيرهم العقل والعلم.

وتابع د.المذكور قائلا «وقد واجهت باعتباري مسؤولا عن اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية في دولة الكويت في بداية التسعينيات وفدا جاءنا من الشيشان ليستشيرنا في مسألة الانفصال عن روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وان هناك مشروع دستور وغير ذلك من الامور».

وتابع د.المذكور قائلا «قلت لهم انكم ستواجهون حربا شعواء ولا شك في ذلك، فانتم خرجتم من قبر مظلم ومعتم وملحد وحاقد وهذا يستدعي منكم المحافظة على الشباب والقيام بما يتاح لبناء وطنكم بالعلم والاقتصاد والمحافظة على الاسر والشباب بعد هذه السنوات من الشيوعية الحاقدة الظالمة واحذروا ان تجرفكم التيارات الى خراب ودمار بلدكم، وهذه نصيحتي لكم... احقنوا الدماء».

وأضاف د.المذكور قائلا «وبحمد الله اعيد بناء الشيشان بعد هذه الحروب المدمرة بفضل من الله ثم بفهم عميق وإدراك جيد وقيادة حكيمة لأحمد قاديروف، وهذه هي المرة الاولى التي ازور فيها الشيشان الحبيب لكنني رأيت كما رأى اخواني ما سرنا جميعا من الجامعات الاسلامية والمدارس والتطور والازدهار الاقتصادي والحضاري».

وأضاف د.المذكور قائلا «نحن نريد ان يسود السلام هذا العالم وان تعالج الكثر من القضايا من خلال اصحاب العقل والعلم وليس اصحاب العواطف.

وتابع قائلا «فنحن نرى اليوم ما يحدث في سورية وليبيا واليمن مع الفقر والجهل ونرى الاطفال الذين يأكلون القمامة ويقتلون في بعض البلدان في وسط افريقيا وغيرها من مآس تدمع لها العين والقلب».

وأشار إلى ان الاعلام له دور كبير في وصف الاسلام بالإرهاب وهم لا يبرزون المحاسن الكثيرة التي جاء بها الاسلام مشددا على ان بعض الدول لا تريد ان يأخذ الاسلام دوره في السلام والعدل والازدهار والبناء».

 الأنباء :5/8/2014

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت